احببت الخيل العربية من خلال عملي في مركز الخيل العربية بديراب (سمي فيما بعد مركز الملك عبدالعزيز) في الفترة من 1990 حتى العام 2005 .. وكانت اولى كلمات التشجيع من الاستاذ فهد المدعوج– نائب رئيس قسم الحاسب الالي بوزارة الزراعة –الله يذكره بالخير- … وذلك بعد الانتهاء من المقابلة الشخصية حيث قال لي ( اريدك ان تكون ذراعي اليمين في المركز) .عندما ذهبت للمركز … لم يكن لديهم في ذلك الوقت سوى الة كاتبة واحدة لطباعة الخطابات .. يعمل عليها الاخ عبدالعزيز الشبوي .. والاستاذ جمعان مدرهم … خلاف ذلك لم يكن لديهم ادنى فكرة عن الحاسب الالي… ادركت حينها ان مهمتي صعبة وتحتاج الى صبر ومثابرة وجهد ….. وفهمت ما كان يعنيه الاستاذ فهد المدعوج !!!!!
لقائي الاول مع الاستاذ : سامي النحيط
كان اول لقاء لي مع الاستاذ سامي النحيط مدير المركز في العام 1990م لقد كان رجلاً متواضعاً مثقفاً ويدير الحوار بأسلوب راقي .. ووجدته على اطلاع كامل بالمنظمات الدولية التي تعني بشئون الخيل العربية .. ولديه الرغبة الصادقة و القدرة على تطوير الخيل العربية والمحافظة على سلالاتها… وكان يبحث عن شخص يعتمد عليه حيث انه مقبل على تحديات كبيرة في مجال توثيق الخيل العربية .. ووجد ضالته .. لقد كنت انا ذلك الشخص الذي يبحث عنه.. والحمدلله على توفيقه لي. في نهاية اللقاء قال لي سيكون هناك عقبة كبيرة وامتحان صعب اذا اجتزته سوف تتعين في هذا المركز … وكان الامتحان هو .. تصميم وترتيب كتاب الانساب الاول ( Stud Book)للمملكة العربية السعودية … مع العلم انه قد تم انجاز ثلاث اصدارات من قبل ولم تقبل … وقد اشرف على تلك الاصدارات الاستاذ ابراهيم زغلول من الهيئة الزراعية المصرية . وقال لي الاستاذ سامي … وبصورة جادة ( ان عضوية المملكة سوف تلغى من المنظمة العالمية للخيل العربية اذا لم ينجز هذا السجل في الوقت المناسب) .. ولابد من انجاز هذا العمل خلال ثلاثة اشهر فقط حيث ينعقد الاجتماع في باريس.
خرجت من مكتب الاستاذ سامي وانا في غاية الذهول … يالهو من امتحان عسير… ,ويالها من مهمة صعبة ومسئولية جسيمة .
وبدأ العمل الجاد :
قال لي الاستاذ سامي سوف اذهب الى الامارات العربية لكي اطلع على احدث ما توصلو اليه في مجال تصميم سجل الانساب .. وانت سوف تقوم بأحضار اجهزة الكمبيوتر من الجريسي ماركة ماكنتوش ..حيث انه في ذلك الوقت لم يكن نظام الوندو يعمل الا في هذه الاجهزة … تم احضار جهازين مع طابعتين .. واحد للاخ عبدالعزيز الشبوي والاستاذ جمعان لطباعة الخطابات … وكانت لحظة ممتعة لن انساها عندما شاهد الاستاذ سامي المظاريف تطبع بخط منسق وبنط عريض والخطابات تنسق بشكل جميل … اعطاني مظروف به 500 ريال .. رفضت ان استلمه فقال لي اما ان تأخذها او تذهب لبيتكم من غير رجعه.
اما الجهاز الثاني تم وضعه في مكتبي (الذي سمي مكتب التسجيل والحاسب الالي) وقمت بتصميم اول قاعدة بيانات بلغة Forth Dimntion بالتعاون مع مهندسي الجريسي.
بدأ الفريق المكلف بزيارة المزارع والاسطبلات لجمع البيانات وترقيم الخيل بالنتروجين ومن ثم بعد ذلك بالترقيم الالكتروني ماركة تروفان … وكان على رأس الفريق ..
الدكتور محمد عبداللطيف
والاخ مبارك صالح
والاخ محمد مفرح
والاخ ابراهيم الشبوي (اصبح مديراً لقسم التسجيل لاحقاً ).
كان هؤلاء الموظفين هم النواة الاولى في انشاء قسم التسجيل والتوثيق .. تحت رعاية واشراف وتوجيه الاستاذ سامي … وكان الاستاذ سامي في هذه المرحلة ينمي ويوثق علاقاته مع المنظمات والهيئات الدولية المعنية بشئون الخيل … وبمجهود فردي وصل الى القمة … وانا استغرب من بعض !!! الموظفين المسئولين في المركز انهم حتى لم يحاولو يوماً قرأة النشرات او الكتب المعنية بشئون الخيل او الدخول لموقع المنظمة العالمية للحصان العربي للاطلاع على احدث المستجدات … وهذا ماجعلهم غائبون تماماً عن هذا المجال … وكنت اعاني كثيرا عند غياب سامي او سفره خارج المملكة … فلم يكن احد يستطيع حل اي مشكلة ( ما عدا الاستاذ منصور العماج كان يؤدي جميع مهام سامي اثناء غيابه)… انهم كانوا يخافون حتى من توقيع الشهادات اوالخطابات الرسمية للملاك … وهذا سبب لي الكثير من المتاعب واضاعة الوقت .. ضعف الشخصية هذا ناتج من عدم الاطلاع والبحث وتثقيف النفس وتنمية العلاقات … وهذا كان موجود في شخصية سامي ومفقود لديهم حتى الان. .. كل شخص يجب ان يعرف حدود امكانياته وقدراته لكي يضع نفسه في خانته المناسبة وان لا يقلل من اهمية الرجال العظماء الذين انجزو ما كلفوا به بكل احترافية واخلاص … لكي لا يقفوا عقبة امام عجلة التنمية (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)…. لا … والف لا.
وقت الدوام الرسمي لم يكن كافياً لانجاز هذا الكم الهائل من الاعمال ( توثيق الخيل .. تسجيل الملاك .. انجاز ومراجعة سجل الانساب .. تركيب الاجهزة وتدريب الموظفين .. مخاطبة اصحاب السمو الامراء…. مخاطبة الجهات الرسمية في الخارج والداخل .. الرد على تلك المخاطبات … المتابعة مع المطبعة ) .. لذا كان الاستاذ سامي يستدعيني الى منزله في ايام الخميس والجمعة وحتى ايام العطلات الرسمية .. لكي نناقش ماتم انجازه من اعمال .. وطباعة ومراجعة الخطابات الهامة .. لكي يأخذاها الاستاذا سامي باكراً للوزارة .. او الجهة المعنية .. حتى انا في ديراب كنت دائم التنقل بين مكتبي والادارات الاخرى .. اما لتدريب موظف او تركيب جهاز او حل مشكلة معينة في الاجهزة… كنت ارجع الى عائلتي بعد المغرب واحياناً بعد العشاء … ولم يكن عملي هذا ركضاً وراء الانتدابات او بحثاً عن الشرهات … بل كان لدي هدف محدد ومسئوليات عظيمة يجب الانتهاء منها بكل امانة واخلاص .. وقد كان .
لقد كانت ايام عصيبة مضنية .. بذل فيها الكثير من الجهد والمال والصحة .. والله كنت اشفق على الاستاذ سامي .. فقد كان يصيبه الاعياء وتدهورت صحته كثيراً .. حتى ان شيبان ديراب وعلى رأسهم بن سلمه … وبن حمدان .. كانو يقولون له ارحم نفسك .. لاتحرص .. ولكن هيهات فقد وصلنا الى مرحلة (الا عودة) فنحن في مرحلة تأسيس وبناء .. سامي كان يحضر معه الادويه في المكتب عندما يكون مريضاً.. ولا يتغيب عن العمل ابداً .. فكان مثالاً للمدير الناجح وقدوة حسنة لنا .
هذه المرحلة العصيبة يعرفها ويشهد بها جميع الموظفين الذين عاصروها … والبعض(اقول البعض) منهم حتى اليوم ما زال واقفاً متفرجاً …. لا هو مع الماضي المجيد .. ولا مع المستقبل المشرق ..لهذا الكيان الشامخ .. مركز الملك عبدالعزيز للخيل العربية الاصيلة.
كان الفريق الفني يجهز البيانات لي لادخالها في قاعدة البيانات ومعالجتها .. كنت اعمل بجد ونشاط منذ الساعة السابعة والنصف حتى اذان المغرب .. لقد كان الجو جميل والمركز محاط بأشجار الياسمين حول السور .. وبداخله اشجار النخيل والعنب ولليمون … واحواض البرسيم .. ومجموعة من البساتين والمناحل .. يديرها بعض الموظفين.. ولم يكن لهم علاقة بالخيل .. ولم يكن لديهم الاستعداد للمبادرة او المشاركة في ذلك المعترك …. لقد كان جواَ يساعد على انجاز العمل من غير ان يحس الانسان بالتعب او الملل .
سامي النحيط رجل حساس في تعامله مع الاخرين … عندما علم انني اعمل حتى اذان المغرب .. قال لي ( خذ الجهاز واشتغل في البيت وسوف اكلف احد الشباب بأحضار ما تحتاجه من بيانات ) وتم ذلك ….وقبل الثلاثة شهور بقليل انتهيت من تصميم الكتاب (نسخة اولية) .. وكنت اعمل على برنامج الناشر المكتبي …. وبعد المراجعة والتدقيق من قبل اللجنة المكلفة بذلك وهم :
1- مبارك صالح القحطاني
2- دكتور محمد عبداللطيف
3- رشيد سيداحمد عامر
4- محمد يحى مفرح
5- علي احمد الدايلي
6- عبدالرزاق مبارك القحطاني
وكنا نجلس بالساعات الطوال واحياناً الى المغرب للمراجعة ومعنا الاستاذ/ سامي .. لقد كانت ايام صعبة بذل فيها الكثير من الجهد والعمل الجاد …
ولقد كان الاستاذ سامي ينفق من جيبه الخاص لكي لا يتعطل العمل .. وهذه شهادة للتاريخ.
امرني الاستاذ سامي بالمتابعة حتى طباعة الكتاب وتغليفة … وقد قام بهذا العمل في ذلك الوقت مكتبة الخريجي في طريق خريص … فكنت احضر يومياً من بيتي في الشفاء للمتابعة معهم .. وتم طباعة نسختين منفصلتين عربي وانجليزي. وطار بهم الاستاذ سامي فرحاً .. وطار بهم الى باريس للمناقشة.
(طبعاً واجهتني صعوبات ومضايقات كبيرة اثناء عملي من اشخاص لم يكونوا يريدون النجاح لهذا التطور المفاجيء … سامحهم الله ).
الفرحة الكبرى :
بعد فترة وجيزة من سفر سامي لباريس جائني احد الموظفين يلهث … !!!! وقال سامي يريدك على الهاتف في مكتبه بسرعة .. بسرعة … امسكت سماعة الهاتف وكنت في غاية الاضطراب والخوف .. فقال لي سامي ماهذا الذي فعلت لقد خربت كل شيء .. كادت السماعة ان تسقط من يدي … ثم قال لي انني امزح معك .. مبروك تم قبول الكتاب .. واعتبر نفسك منذ هذه اللحظة موظف في المركز( واهداني ساعةعند حضوره من باريس) … ومنذ ذلك اليوم اصبحت مسئولاً عن قسم التسجيل وعن كل ما يختص بتوثيق الخيل ومن جميع الخطابات السرية الخاصة بالعمل او الخاصة بالاستاذ سامي .. وكنت بحق مثالاً للموظف الناجح المحبوب من الجميع بشهادة جميع موظفي المركز وملاك الخيل… وكنت المدير الفعلي لقسم التسجيل في ذلك الوقت ولكن بلا مسمى.
ولكن كل شيء كان تحت اشراف ومتابعة الاستاذ سامي طبعاً .. فقد كان هو الكل في الكل .. ولا يستطيع احد ان يتخذ قرار دون الرجوع اليه .. سامي رجلاً ذكي مثقف لبق وشجاع في اتخاذ القررات ..هذه الصفة اهم مميزات سامي.( لكل مجتهد نصيب) .. فالشهرة والمكانه المرموقه لا تأتي بالترزز امام كاميرات التلفزيون اثناء العروض … بل بالعمل الجاد والمثابرة والجهد والمال وتطوير الذات … والاهم الثقافة والاطلاع.
كانت جميع المكاتبات الخارجية مع المنظمات الدولية تطبع عن طريقي فلم يكن احد يطبع باللغة الانجليزية في ذلك الوقت … فكنت اقوم بمهام التسجيل والطباعة .. والدكتور محمد عبداللطيف يقوم بالترجمة …حتى تم استقدام المدرب الامريكي بروس مكريا وزوجته كارين .. امرني سامي بأحضار جاهز لكارين وتدريبها لتتولى طباعة الخطابات الانجليزي .. وكانت دهشتي عظيمة فقد قالت انا لا اعرف استعمال الحاسب اريد الة كاتبة .. وفعلاً احضرنا الة كاتبة لها ….. وبعد فترة طويلة قمت بأ قناعها وتدريبها على استعمال الحاسب .
بعد ذلك تم اشراء بقية الاجهزة لبعض الاقسام وتم تدريب جميع الموظفين .. وتوالت الاحداث وبدأنا بأصدار الجزء الثاني من سجل الانساب حتى الجزء السادس قمت بتصميمه في المنزل بعد ان تركت العمل في ديراب وكان هذا اخر جزء قمت بتصميمه…. واخر خدمة قدمتها لهذا الكيان الشامخ.
اللجان التي كنت عضواً فيها اثناء عملي بديراب:
1- لجنة الاشراف على اصدار سجل انساب الخيل العربية
2- عضو الفريق الفني الذي تم اختياره لبرامج تطوير الخيل بمزرعة الجنادرية
3- اللجان المنظمة للعرض الوطني الاول عام 96 والثاني عام 98 والثالث عام 2005
4- لجنة الفلم الوثائقي (هبة الصحراء)
اما لجان عروض الجمال كنت مسئولاً عن التسجيل للخيل المشاركة في العروض .. واثناء العرض كنت مسئول عن تشغيل اجهزة الصوت .. وقد قمت بهذا العمل في جميع المهرجانات الثلاثة .. فقد كانت مسئولية ادارة اجهزة الصوت مسئولية جسيمة لا تقبل الاخطاء وليست تخصصي … وكان لي موقف طريف ومزعج في العرض الاول .. وتم انقاذ الموقف بمساعدة احد مخرجي الاذاعة … فقد اعطاني ميكرفون حساس من سيارة الاذاعة لحل المشكلة…. ولكن الله لطيف بعباده فقد اديت تلك المهام بكل جدارة وشجاعة… في العروض الثلاث.
البرامج التي قمت بتصميمها :
1- برنامج لخيل القفز بالاتحاد السعودي للفروسية
2- برنامج سباقات التحمل للاتحاد السعودي للفروسية
وكان ذلك تحت اشراف الاستاذ سامي .. نائب الامين العام لاتحاد الفروسية في ذلك الوقت.
ايضاً قمت بتصميم قواعد بيانات لمزرعة جو ومزرعة البويبية ومزرعة الجنادرية.
اخي القاريء الكريم هذه نبذة بسيطة عن تشرفي ان اكون احد المؤسسين الفاعلين لأرساء قواعد نظام تسجيل وتوثيق الخيل العربية في المملكة العربية السعودية… الذي مازال يعمل به في المركز حتى الان بعد ان ادخلوا عليه بعض التعديلات لتواكب التطور في مجال توثيق الخيل العربية … فالاستاذ سامي رجلاً يعشق التطوير.
للاستفسار عن اي معلومة في هذا المقال : هذا جوالي : 0568700146 وهذا بريدي الالكتروني : rash213@hotmail.com
الخيل العربية الاصيلة 